بلدي نيوز – درعا (حذيفة حلاوة)
تعرض عدد كبير من سكان مناطق جنوب دمشق للتهجير القسري بكافة الأشكال والطرق التي عملت عليها الميليشيات الشيعية والإيرانية والفلسطينية، بالإضافة إلى قوات النظام، التي لا تكاد تظهر في تلك المناطق بسبب سيطرة الميليشيات عليها وإطلاق يدها باتجاه سكان تلك المناطق من قبل قوات النظام بسبب خروجها عليه.
عائلة "أم أيهم" من منطقة الذيابية من جنوب العاصمة دمشق، حالها كحال العديد من العائلات التي فقدت معظم أفرادها أو هجرت بسبب الحصار الشديد على المنطقة الذي أجبرهم في بعض الفترات على أكل لحم القطط والكلاب.
تقول "أم أيهم" في حديثها بلدي نيوز: "نحن من سكان بلدة الذيابية جنوب العاصمة دمشق ومن أهالي الجولان المحتل الذين تهجرنا من ديارنا منذ ستين عاما، بسبب تقاعس النظام عن تحريك آلته العسكرية لاسترجاع أرضنا المحتلة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، في حين حرك كامل جيشه وأجهزته الأمنية ضد شعب سوريا الذي طالب بالحرية و الكرامة".
وتكمل "أم أيهم" مشيرة إلى ممارسات قوات النظام في مناطق سكنهم في بدايات الثورة التي رد عليها النظام بقوة السلاح واستقدام ميليشيات "حزب الله" اللبناني وميليشيات "أبو الفضل العباس" الشيعي التي قدمت إلى تلك المناطق، بحجة الدفاع عن مقام السيدة زينب، ولكن سرعان ما تبينت أهدافها بتهجير السكان وإحداث التغيير الديموغرافي في محيط دمشق.
وتشير "أم أيهم" إلى فقدانها كامل عائلتها في معارك ضد النظام وتنظيم "الدولة" في جنوب العاصمة، وتضيف قائلة: "بعد بدء العمل المسلح وظهور الجيش الحر في سوريا انضم كامل إخوتي إلى العمل المسلح مع الجيش الحر، وبسبب المعارك فقدت ثلاثة من إخوتي وزوجي، أما أخي الرابع فقد قام عناصر تنظيم "الدولة" في الحجر الأسود بإعدامه، بسبب عمله ضمن صفوف الجيش الحر".
بعد مقتل أربعة إخوة وأبنائهم بالإضافة إلى زوجها، بدأت "أم أيهم" وطفلاها رحلة بحث عن النجاة بما تبقى لها من عائلتها خارج الحصار الذي كان مطبقا على الأحياء الجنوبية من دمشق حيث وصلت بهم الحال إلى أكل القطط والكلاب، بسبب الجوع الشديد في حين كانت مقرات تنظيم "الدولة" تنعم بحالة من الرفاهية والعيش الرغيد من حصولهم على الطعام والغذاء من مصادر مجهولة في ظل انعدامها لدى غالبية المدنيين المحاصرين في تلك المنطقة.
وتتابع أم أيهم: "فور خروجي من مخيم اليرموك قامت عصابات أحمد جبريل الفلسطينية باعتقالي وتسليمي إلى الأمن السوري وتم تحويلي حينها لفرع الخطيب سيء الصيت بالعاصمة دمشق حيث قاموا باعتقال أطفالي معي، ما أدى إلى فقد ابني الأصغر قدرته على النطق بسبب الخوف، بالإضافة إلى تعرضي لشتى أنواع التعذيب بسبب عمل إخوتي وزوجي ضمن الجيش الحر في مناطق جنوب العاصمة".
بعد اعتقال دام حوالي الثمانية أشهر، أطلقت مخابرات النظام سراح "أم أيهم" لتلقي بها في الشارع بلا غطاء للرأس وحافية القدمين، لتبدأ بعدها رحلة البحث عن أطفالها إذ بقيت أكثر من شهر تبحث عنهم في شوارع دمشق وتنام عند أحد بائعي الشاي في شوارع دمشق قبل أن تتمكن من العثور عليهما في أحد ملاجئ الأيتام في دمشق.
تقول "أم أيهم" بأنه بعد تمكنها من العثور على أطفالها حاولت الهروب بهم إلى المناطق المحررة في درعا، ولكنها اعتقلت مرة أخرى على حاجز منكت الحطب، حيث تم تحويلها إلى سجون الأمن في مدينة درعا، وبمساعدة أحد ضباط الأمن بعد فترة من الاعتقال تمكنت من الوصول مع أطفالها إلى مخيم الشركة الليبية في بلدة جلين جنوب غربي درعا.
المثير للريبة بأن ضابط الأمن الذي قدم لها المساعدة أخبرها بأن من يقوم بالبحث عنها ليس أجهزة الأمن، وإنما الميليشيات الإيرانية التي استوطنت في مكان سكنهم القديم بسبب انتمائها وبهدف إنهاء أي حلم بالعودة.
الجدير بالذكر أن حالة "أم أيهم" تشابه العديد من الحالات في جنوب العاصمة وخاصة في محيط بلدة السيدة زينب، بسبب انتهاج الميليشيات الإيرانية سياسة التهجير القسري واستبدال السكان بعناصر ميليشياتها الذين أتت بهم إلى سوريا بهدف قتال الشعب مع نظام الأسد.